السبت، 15 أغسطس 2009

التمرد على الذات

ليس معنى ذلك لوم الذات وتأنيبها وتعذيبها لأن ذلك ليس حلا لعيوب الذات انما هو فقط طريقة سيئة و غير مجدية لمحاسبة النفس على أخطائها لا تصلح بقدر ما تدمر وتدفع الى المرض سواء كان نفسيا أم جسديا
بينما يكون التمرد على الذات فى صالح الذات عندما يعرف الانسان عيوبه ويتقبلها كنقاط ضعف يمكنه التغلب عليها وعندما يسعى جاهدا وباستمرار لاصلاح عيوبه دون يأس أو ملل أو تعب مؤمنا بأنه فى يوم من الأيام سيستطيع اصلاحها وتقويمها بل وتحويلها الى نقاط قوة
وليس معنى تقويم الذات عدم السماح لها بالخطأ لأن الخطأ طبيعة بشرية ولكن تقويم الذات تعنى الاستفادة من أخطاء الماضى لتجنب أخطاء المستقبل وتحضرنى هنا قصة رائعة فى هذا الموضوع أيضا من كتاب مريم نور الرائع جسد وساجد
فى احدى المدارس الصغيرة كانت المعلمة تشرح للأولاد الصغار عن الصفات المطلوبة للدخول إلى الجنة وملكوت الله... وقد شرحت بجميع الطرق الممكنة لجعل التلاميذ يفهمون الموضوع:
ما لم ترمي الخطيئة والفاحشة والزنى والسيئات وتتخلى عنها كلها فلن تستطيع الدخول إلى الجنة.
وبعد الشرح سألت الجميع: "والآن، هل تستطيعون إخباري ما هو المطلوب للدخول إلى الجنة؟"


رفع ولد صغير يده، وذلك الولد من النادر جداً أن يجيب على الأسئلة، ولم يكن يُبادر أبداً بالإجابة من تلقاء نفسه، لكنه هذه المرة رفع يده الصغيرة...
فرحت المعلمة كثيراً به وقالت: "نعم... ما هو المطلوب للدخول إلى الجنة يا شاطر؟"
قال الصغير: "في البداية، عليك أن ترتكب الخطيئة وتزني وتعمل السيئات."
قالت المعلمة: "عليك أن ترتكب الخطيئة؟؟؟؟! لقد كنتُ أحاول على مدى ساعة كاملة أن أعلّمكم أن عليكم التخلي عن الخطيئة، وأنت الآن تقول أن عليك ارتكاب الخطيئة؟؟!!"
قال الولد: "لكنني إذا لم أرتكب الخطيئة والسيئات كيف أستطيع أن أرميها وأتخلّى عنها؟ ودون الاستغناء عن الخطيئة لن يستطيع أحدٌ دخولَ الجنة... لذلك أولاً: ارتكب الخطيئة، وبعدها ارمِها ثم إدخل إلى الجنة
وهناك فرق هائل بين من لا يرتكب الخطأ لأنه ممنوع من ارتكابه أو غير متاح له ارتكابه وبين من يرتكب الخطأ ثم يشعر بمرارة هذا الخطأ وهذا ما يدفعه الى تركه فالأول مجبر على ترك الخطأ لأنه لا مجال لارتكابه وربما كان يتمنى فى قرارة نفسه أن يرتكب الخطأ ولهذا يسهل وقوعه فى الخطأ اذا توفرت له الفرصة لأن كل ممنوع مرغوب
لكن الثانى بعد أن عانى مرارة الخطأ يصبح من الصعب عليه الوقوع فيه مرة أخرى وان كان النوع الثانى المتاح له الخطأ دون محاسبة من أحد تصبح أمامه جميع المغريات التى تدفعه نحو هذا الخطأ ولهذا يحتاج الى جهاد كبير للنفس وقوة ارادة كبيرة تمنعه وتردعه عن هذا الخطأ
وأخيرا أتذكر الحكمة الرائعة اذا خفتم من شئ فادخلوا فيه علينا أن ننزع الخوف من أعماقنا بما فى ذلك الخوف من الوقوع فى الخطأ لأنه فى الحقيقة ليس هناك أعظم معلم من التجربة حتى لو أدت الى الخطأ لأنه بمعرفة الخطأ نستطيع تحديد الصواب وبدون ذلك تصبح رؤيتنا للحياة مبهمة ومشوشة ما بين الخطأ والصواب وقد تظل عيوبنا فى تفاقم لأننا لا نستطيع التمييز بين الصالح والطالح
وخبرتنا فى الحياة تأتى من التجارب وكما قيل الحياة تجارب نستفيد منها فى تقويم ذاتنا والترقى بها وتزكيتها وربما كان هذا هو الهدف الأسمى للحياة

هناك تعليق واحد:

  1. اولا بجد كلامك فى العمق

    ثانيا مش هتفلسف كتير
    بس هقولك

    فى حديث قدسى يقول
    فى ما معناه
    ان لو لم نخطئ سيأتى الله
    بقوم يخطئون ويتوبون

    فالله عز وجل يحب ان يدخل عبده
    اليه من باب الافتقار اليه
    وليس التكبر والافتخار بأعماله

    ودا بيتوقف على مفهومنا للخطأ
    الخطأ بس مش اننا نعمل معاصى
    او ذنوب
    الخطأ محتمل حتى واحنا بنعمل صح
    او حسنات

    فلن يدخل الانسان الجنه
    بأعماله ولكن برحمه الله
    بعباده

    لاننا مهما فعلنا الصح سنظل مقصرين
    فى حق الله .. وممكن نعمل الصح
    ونتفاخر بذلك .. ولكنه لا يساوى
    عند الله شيئا .. وبأعمال بسيطه
    صغيرة فى نظرنا .. تصبح عند الله
    شيئا عظيما مثل الجبال ..

    فالخطأ محتوم على البشر
    لمنحهم الامانه .. وهيا الحرية
    فى الاختيار فى ان يفعل او لا يفعل
    فمدامت هناك حرية .. اذا هناك خطأ

    وبالمتناقضات تظهر الاشياء
    لولا الخطأ ما كانت التوبه
    ما كانت المغفرة ..

    بشكرك على لحظات الفكر
    والدهشه التى تحملها حروفك
    من بين السطور

    تحياتى :)

    ردحذف