الأحد، 29 يناير 2012

الموجات الساكنة

عندما يصل العقل إلى حالة السكون تبدأ الانطباعات النفسية بالتلاشي نتيجة الموجات الساكنة التي أثرت على الموجات المتوترة، وبالتالي يتم إلغاء مفعول الموجات المتوترة بالموجات الساكنة. هذا هو التحليل العلمي للتخلص من الانطباعات النفسية. في الطب النفسي يستخدمون نوع من المسكنات ليكسب لإنسان الراحة. ولكن هذه المسكنات لا تزيل التأثيرات السلبية للانطباعات النفسية، بل تخدّر التوتر الذي يبقى في الجهاز العصبي، ويعود التوتر بعد انتهاء مفعول الدواء المسكّن. لذلك يبحث العلم الآن عن وسيلة فعّالة.

طبيعة العقل



فلنتوسع في الشرح. أولاً يتوجب علينا أن نفهم طبيعة العقل. هناك ما يسمى العقل الواعي، أي المقدرة العقلية التي يتحكم بها الإنسان، وهناك عدة مستويات للعقل، وهي بالتدرج من المستوى السطحي إلى المستوى العميق: الإدراك الحسّي (الحواس)، ومن ثم الذاكرة، فالعقل المميز (الفكر) ومن ثم شعور الأنا. وبعد مستوى الشعور وإذا تابعنا الدخول في الأعماق ندخل في المستوى النفسي ومن ثم المستوى الروحي.

إن كل مستوى من مستويات العقل له وظائفه وله نمط لتفاعله، فمستوى الإدراك الحسي يدرك الإنسان من خلال الحواس، وفي مستوى الذاكرة نتذكر المشاهد والروايات، وفي مستوى العقل التمييزي ندخل في التحليل المنطقي، أما في مستوى الشعور بالأنا، يتفاعل العقل بالمشاعر والعواطف. ومن أجل أن نأخذ عقلنا الواعي إلى المستويات النفسية عليه أن يتجاوز هذه المستويات العقلية، ولكل مستوى هناك وظيفة له، في المستوى الإدراك الحسي علينا أن نشغّل الحواس الخمس. ومن أجل أخذ العقل الواعي إلى مستوى الذاكرة علينا أن نتذكر ما نعرفه. ومن أجل الوصول إلى العقل التمييزي، علينا أن ندخل في تحليل الأمور، أما للوصول إلى مستوى الشعور، علينا أن نثير العواطف. ومن أجل أن نتجاوز مستوى العواطف علينا أن نصل إلى أعمق مستوى من العواطف، والمستوى الأعمق للعواطف نصل إليه بالحب والعشق والتعبد، وكي نستطيع الوصول إلى تلك الحالة القصوى يتطلب ذلك تفاعل العقل والقلب معاً. هذا ما توصل إليه علم النفس. وعندما يصل الحب إلى مستوى العشق الخالص والتعبد، يتجاوز العقل الواعي جميع المستويات العقلية، ويختبر السكون المطلق، وبذلك يعطي موجة ساكنة على المستوى النفسي.

الصلاة بصمت

هذا الاستنتاج العلمي له ما يلاقيه في الديانات، فهي تدعوا الإنسان كي يكسب حالة السكون. في التوراة يرد في المزامير عبارة تقول: "استكينوا واعلموا أني أنا الله" وفي المسيحية يدعون للوصول إلى حالة الصمت في الصلاة. وفي الإسلام يدعون للصلاة كي تحل علينا السكينة. نجد أن الصلاة والممارسات الدينية الخاصة، لها تأثيرات تعطي الإنسان حالة السكون والسكينة، ونجد ذلك أيضاً في الحضارات القديمة، في الهند يسمونها حالة السمادي، أي السكينة المطلقة. كذلك نجد الأمر ذاته في حضارات الفراعنة وحضارات بلاد ما بين النهرين، واليونان والرومان وغيرها. وهذه هي الغاية الحقيقية لكل الممارسات الدينية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق