اكتشاف علمي لحقيقة الله
إذا كانت الطاقة الكونية للحقل الموحد هي الروح العظمى في الكون، وهي ثابتة لا تتغير، لا تظهر ولا تختفي، لا تتأثر بأي عوامل خارجية لأنها المصدر لكل شيء منها أتى كل شيء وإليها يعود كل شيء، وإذا كانت هذه الطاقة الكونية هي حقل لا محدود من الوعي، يتمدد دون أن يزيد ويتقلص دون أن ينقص لأنه لا محدود ولا متناهي، لا بداية له ولا نهاية له، وعندما يشاء إظهار الوجود يُحدث تنابض في حقل الجاذبية فتنهض من حالة الهمود، وتندفع لإظهار حقول التفاعلات الثلاث ومن ثم تتابع بدفعها لإظهار العناصر الخمسة للمادة، ومن كل هذا تأتي جميع الكائنات. إذا كان كل هذا هو ضمن نطاق الإثباتات والبراهين العلمية، يكون العلم قد وصل بنظرياته وصيغه الحسابية الصارمة إلى إثبات الوجود الأزلي السرمدي لله. بذلك يكون العلم قد كشف الحقيقة الإلهية بشكل علمي.
العلم يتابع البحث
أما العلم فلم يكتفي بهذا الاكتشاف عند هذا الحد، بل إنه يتابع ليكشف المزيد. عندما يكون الحقل الموحد بمثابة الروح الإلهية، ماذا يكون حقل الجاذبية؟ من تسميته نفهم أن حقل الجاذبية هو الحقل الذي يجذب إليه كل شيء. عندما لا يكون الوجود ظاهراً لا يستطيع هذا الحقل أن يجذب شيئاً، أما عندما يظهر وبعد أن يصل الوجود إلى مداه الأقصى، ويعود ويضمحل وينجذب إلى حقل الجاذبية، ولكن ماذا يدخل في حقل الجاذبية؟
مراحل الفناء
عندما يكون الكون قد وصل إلى مداه الأقصى، يبدأ بالتفتت والتلاشي والتفكك، وبتفككه تضيع منه طاقة التماسك، ولكن وبالرغم من تفكك كل أشكال المادة وزوال تفاعلات الطاقة تبقى الطاقة الكونية (الوعي) التي كانت متغلغلة فيه، هذه الطاقة الكونية وخلال تغلغلها في المادة اكتسبت انطباعات واختبارات من جراء وجودها المادي، هذه الانطباعات لا تزول بفناء المادة وبزوال التفاعلات، بل تنجذب هذه الانطباعات إلى حقل الجاذبية، وتلازمها لحين انبثاق الكون من جديد. هكذا نرى أن الطاقة الكونية لا تتأثر بأي شيء في حين أن الجاذبية تجمع حولها انطباعات واختبارات الوجود المادي. وهكذا نرى أن الفناء الكوني يكون تدريجياً بدءاً بفناء المستويات المادية ومن ثم زوال مستويات التفاعل وآخرها حقل التفاعل القوي، فتنجذب كل الانطباعات في حقل الجاذبية وهكذا تهمد الجاذبية. يشبه انبثاق الكون ومن ثم انقباضه في حقل الجاذبية، عملية الشهيق والزفير، في الشهيق تجذب الجاذبية كل الانطباعات الكونية ويزول الوجود (الثقب الأسود)، وفي الزفير تطلق الجاذبية الانطباعات الكونية التي كانت اختزنتها ويظهر الوجود من جديد (سوبر نوفا). وهكذا نرى وكأن الكون يتنفس؛ يظهر في الزفير ويضمحل في الشهيق. وكأن حقل الجاذبية هو حقل النفس الكونية. وهكذا تكون طاقة الحقل الموحد هي الروح الكونية، في حين أن الجاذبية هي النفس الكونية. الروح والنفس هما خالدتان في حين أن العقل والجسم يزولان.
الفرد هو كوني

هذا الوصف الكوني يتطابق تماماً مع تكوين الإنسان. نحن نعلم أن الإنسان يتكوّن من مستويات الجسم، بما في ذلك الحواس الخمسة التي تعتمد على عناصر المادة الأساسية، وأيضاً المستويات الثلاثة للعقل، وهي العقل الغريزي المرادف لحقل الكهرومغناطيسي والأنا المرادف لحقل التفاعل الضعيف والعقل الواعي المرادف لحقل التفاعل القوي، ومن ثم النفس التي هي غلاف الروح. تقول الكتب الدينية أن النفس هي التي تحاسب عند الله، فهي التي تجمع كل الخطايا، تماماً مثل حقل الجاذبية الذي يجمع كل الانطباعات حوله.
وهنا لا بد أن نردد ما قاله الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة: "وتحسب أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر"، وهذا ما كان يردده دوماً العالم الكبير في هذا العصر مهاريشي ماهش يوغي بقوله: "الفرد هو كوني".
يتكون الفرد من الطبقات الثلاثة؛ المستوى الروحي والمستوى العقلي والمستوى الجسدي. الجسم ينفذ توجيهات العقل والعقل يستمد الطاقة من الروح.
يتكون الفرد من الطبقات الثلاثة؛ المستوى الروحي والمستوى العقلي والمستوى الجسدي. الجسم ينفذ توجيهات العقل والعقل يستمد الطاقة من الروح.
الانطباعات النفسية تلوّن على العقل
الجسم يعمل والعقل يدرك الوجود المادي من خلال الحواس الخمسة، يخزن العقل كل ما يدركه في الذاكرة وأيضاً في المستوى النفسي، فتتجمع عند الإنسان الانطباعات النفسية التي تؤثر على تصرفاته وقراراته. إن المعلومات التي تخزن في الذاكرة هي أقل أهمية من المعلومات المخزنة في المستوى النفسي. وذلك أن من طبيعة الإنسان النسيان، فينسى ما في ذاكرته. لكن الانطباعات النفسية ترسخ في النفس الخالدة. تؤثر الانطباعات النفسية على حياة الإنسان بشكل عام. إن كل شعور ومزاج وفكرة وعمل، وكل ما نقوم به يتأثر بالانطباعات النفسية. حتى أن الانطباعات النفسية الفردية تؤثر على من حولنا وما حولنا من إنسان وحيوان ونبات. هذه الانطباعات النفسية هي التي تلوّن وتغير الطاقة التي تندفع من الروح إلى العقل. وبالتالي وحسب هذه الانطباعات النفسية يتصرف العقل إيجابياً أو سلبياً. هذه الانطباعات النفسية تعرف بلغة الطب Stress أو الإجهاد والضغوط.
في المقالة المقبلة سنتكم عن وسائل التخلص من الانطباعات النفسية.





إن رواية آدم وحواء تجد مثيلاً لها في الحضارات القديمة، في العلوم الفيدية وهي العلوم الهندية القديمة هناك جزء من أجزاء الفيدا يعرف بالسانكهيا، وتشرح السانكهيا بشكل رائع هذه العناصر الخمسة، في الفيدا هناك عنصر بروشا، الذي هو المطلق الشاهد وغير الفاعل، وحسب الفيدا بروشا يمثل العنصر المذكر في الوجود (آدم)، أما العنصر الثاني يسمى براكريتي، براكريتي تمثل العنصر المؤنث (حواء)، وفي رواية الفيدا، بروشا هو المطلق وبراكريتي هي نبضات الذكاء الكوني، عندما تكون براكريتي هامدة، لا يكون الوجود موجوداً، وعندما تتنابض براكريتي، تدفع الوجود للظهور. في الفيدا، بروشا وبراكريتي يتواجدان في حقل المطلق، بروشا هو طاقة المطلق، وبراكريتي هي نبضات المطلق. تماماً كما هو آدم وحواء في الفردوس. العنصر الثالث في الفيدا هو مهات. ومهات هو العقل الكوني، بوجود مهات وجدت طاقة العقل، وفي رواية الفيدا، العقل يخطئ، وهذا الخطأ يدعى "براغيا براد" وترجمتها حرفياً خطيئة العقل، تماماً كما أخطأت الحية التي أطلقت الفكرة الأولى، ويتوافق ذلك مع نظرية انكسار التناظر في العلوم الحديثة. هذا الخطأ هو علة الوجود، وهو مسبب الوجود، ولو لم يكن هذا الخطاء موجوداً لما كان هناك من وجود، ولما كنت أنت هنا لتقرأ هذه المقالة ولما كنت أنا هنا لأكتبها.
عندما يبدأ الكون بالتفتح لا يمكنه أن يتراجع إلا عندما يصل إلى مداه الأقصى. تماماً كما لا يمكن للشجرة أن تتراجع وتعود إلى البذرة، إلا عندما تصبح شجرة مكتمل وتعطي بذرة جديدة، وهكذا الكون الذي ينبثق من حقل المطلق ومن الطاقة الكونية، لا يمكن أن يتراجع إلى حقل المطلق، إلا عندما يصل إلى مداه الأقصى، ومن ثم يولد ما يعرف في العلم؛ الثقب الأسود Black Hole، في هذا الثقب الأسود تتكاثف الطاقة الكونية بعد أن يكون الكون قد وصل إلى مداه الأقصى، ومنه ينبثق كون آخر من جديد.
ظاهرة، وعندما تكون هذه الطاقة غير ظاهرة، فيمكنها أن تظهر بأي شكل كان، من هنا أتت "نظرية كل شي" Theory of everything وهذه النظرية هي مرادفة لنظرية الحقل الموحد، الذي هو حقل كل الإمكانيات. هذه الطاقة الكونية غير الظاهرة هي مصدر لكل الظواهر، فهي مصدر الخلق والذكاء والمادة، Creativity, intelligence, matter الطاقة تؤدي إلى الخلق، والذكاء ينظم عملية الخلق والمادة هي المنتج لهذه العملية. وهكذا نرى كيف أن الطاقة الكونية الهامدة قد تفاعلت، وبتفاعلها تظهر بثلاثة أوجه، وهي الخلق والنظام والمادة الفانية. إن هذه الثلاثية الكونية المكتشفة في العلوم الحديثة هي موجودة في الديانات أجمع.
بالرغم من أن العديد من العلوم كانت مزدهرة في الحضارات القديمة مثل الحضارة الفرعونية واليونانية والرومانية وحضارات ما بين النهرين والفرس والحضارة الفيدية القديمة في الهند وغيرها، إلا أن وهج هذه العلوم القديمة قد اضمحل في ضوء الديانات حديثة التي تعرف بالديانات السماوية.
أما الآن وفي هذا العصر العلمي، أتى عالم كبير من الهند يدعى مهاريشي ماهش يوغي، حائز على ماجستير في الرياضيات والفيزياء، كما درس لمدة ثلاثة عشر سنة العلوم الفيدية القديمة، ودرس هذه العلوم من مرجعية كبيرة مؤتمنة على الحفاظ على نقاء هذه العلوم. من ثم قدم مهاريشي تقنية التأمل التجاوزي إلى التيارات العلمية في الغرب كي يقوموا بشتى أنواع الدراسات والأبحاث حول منفعتها، ونتيجة لهذه الأبحاث العلمية أصبحت هذه التقنية البسيطة معتمدة كجزء مكمل لكثير من المناهج العلمي مثل التربية والتعليم والطب والصحة والعلوم والفسيولوجيا البشرية والفيزياء الحديثة وغيرها من العلوم.