الأربعاء، 7 مارس 2012


المصفوفة الأفقية-العمودية
بعدما أظهرنا الهيكلية الأفقية للتكوين في تحول الطاقة الواحدة إلى ثلاثية، وأظهرنا الهيكلية العمودية في المستويات الخمس الأساسية. فلننظر الآن إلى الصورة بشكلها المتكامل.
الثلاثة في المستويات الخمسة

في العلوم الحديثة يقرّ العلماء أن الثلاثية هي في كل المستويات، ويعطونها تسميات متعددة، في مستوى الحقل الموحد تكون هذه الثلاثية متفاعلة في داخل ذاتها، في توازن تام وتناظر تام بحيث لا يمكن أن يظهر منها أو عنها أي شيء، لذلك هي المستوى غير الظاهر في الوجود الذي فيه تكون الثلاثية متواجدة وغير فاعلة في أحادية غير ظاهرة.

أما في مستوى الجاذبية، وكما ذكرنا سابقاً، هناك طرف غير ظاهر والطرف الآخر ظاهر. مع تواجد الصفتان معناً، صفة الظهور وعدم الظهور في الوقت ذاته، يصبح من غير الممكن إدراك حقل الجاذبية منعزلاً فيكون إدراكه عندما يتفاعل مع المستويات الظاهرة الأخرى. حقل الجاذبية هو حقل التهيئة لظهور الوجود. تماماً كما كان دور حواء في رواية التكوين، كان دورها التهيئة لظهور الوجود بسببها أخطأت الحية وأدرك آدم فرديته، وأخرجه الله من الفردوس.

وهنا لا بد من أن نكشف أمراً علمياً، ألا وهو أن الطاقة الكونية في الحقل الموحد والجاذبية ينتميان لما يعرف بالمستوى غير الظاهر للوجود، أي يمكننا القول أنه مستوى المطلق.

البداية والنهاية
المستوى الثالث هو مستوى التفاعل القوي، في التفاعل القوي تتواجد الثلاثية في ثلاثة صفات، الفاعل والفعل والمفعول به، هذه الديناميكية الثلاثية لا يمكنها أن تتواجد منفصلة عن بعضها البعض في حقل التوحيد، لأنها في حقل التوحيد المطلق تكون هذه الثلاثية واحدة، أما في الحقل النسبي تظهر هذه الثلاثية متفاعلة بشكل واضح. إن مستوى التفاعل القوي هو الحقل الذي يظهر فيه الكوارك ويتفاعل كي يعطي البروتون والنيوترون لتتشكل نواة الذرة. أنه يخلق الجزيئات وينظم دورانها ومن ثم يفنيها عند انتهاء دورها. وهنا لا بد من القول أن هذه الوظائف الثلاث تعمل باستمرار وبشكل تزامني، أي أن عملية الخلق تستمر وعملية التنظيم تستمر وعملية الفناء تستمر كلها في آن واحد. وستظل مستمرة ما دامت الخليقة موجودة ولا تتوقف إلا عند الفناء التام بعد أن تصل الخليقة إلى مداها الأقصى في التوسع وتعود وتنقبض فيما يسمى في العلم "الثقب الأسود".
يقال عن هذا المستوى من الوجود، البداية والنهاية لكل شيء، عندما يفنى الكون المادي ستزول المادة ومن ثم تزول حقول الطاقة بشكل تتابعي وبسرعة هائلة، بدءاً من الحقل الكهرومغناطيسي ومن ثم حقل التفاعل والضعيف والتفاعل القوي، فيضمحل الكون في الجاذبية الهائلة للثقب الأسود، ومن ثم يهمد حقل الجاذبية ويستمر الكون في حالة عدم الظهور إلى أن يعود ويتفاعل بذاته وينطلق من جديد، وهكذا تستمر دورة الظهور والفناء الكونية إلى ما لا نهاية.
التمييز والخجل.
يبدأ التفاعل الثلاثي في الظهور ويستمر على المستويات التالية في الخليقة، التفاعل الضعيف والكهرومغناطيسي ومستويات المادة. في مستوى التفاعل الضعيف، وبعد ظهور المكوّنات الأولى للكون، تعطي هذه المكوّنات إشعاعات تؤثر على بعضها البعض، هذه الإشعاعات تنطلق من جزيء متكوّن إلى جزيء متكوّن آخر، وهكذا تتغير ملامح الجزئيات عندما تتعرف على بعضها البعض، وتكون الثلاثية في عملية بث الإشعاعات وعملية انتقالها وعملية تلقيها والتقاطها من الجزيء الآخر. تماماً كما هي موصوفة في رواية الخلق؛ بعدما أدرك آدم ذاته، نظر إلى حواء، ونظرته هذه هي عملية البث، وعندما أدركت حواء أنه نظر إليها كانت عملية انتقال الإشعاعات، ومن ثم شعرت بالخجل، والشعور بالخجل هو تلقي الإشعاعات. ومن ثم عادة حواء ونظرت إلى آدم وحدثت الثلاثية مرة أخرى ولكن بشكل عكسي. لكن هناك أيضاً نقطة هامة يجب أن نلحظها في رواية التكوين وهي أن الله سألهما ماذا فعلتما. وهذا للدلالة أن جميع مستويات الوجود لها تفاعلها الذاتي، ولكنها تعمل بدفع من الطاقة الكونية. فكل نقطة من الوجود هي متصلة بما حولها وأيضاً متصلة بمصدرها في الوقت ذاته.
التهيئة لظهور المادة
أما في مستوى الكهرومغناطيسي، الذي فيه تتكون عناصر المادة وتتمازج لتشكل الوجود المادي الملموس، تكون الثلاثية في عملية دمج الجزئيات المختلفة. هذه الجزيئيات التي خلقة متشابهة نتيجة للتفاعل القوي، وتغيرت نكهتها نتيجة للتفاعل الضعيف، ها هي الآن تتمازج مع بعضها على اختلاف نكهاتها لتشكل عناصر مادية ملموسة. في عملية المزج، هناك تواجد العناصر، أي تواجد العناصر المخلوقة الناتج عن عملية الخلق، ومن ثم مزجها مع بعضها البعض، وينتج ذلك عن عملية التنظيم، ويلي ذلك ظهور المزيج، الذي يخفي العناصر المخلوقة ويظهر شيء جديد، وبذلك تكون عملية الفناء قد حدثت بمزج العناصر المخلوقة وتحولها إلى عناصر مادية ملموسة. والآن يأتي دور العناصر المادية لتظهر، وفي عملية ظهورها عليها أولاً أن تنقل مواصفاتها الجديدة إلى مصدرها، الذي هو المصدر الأساسي للكون، الحقل الموحد، حقل الوعي، كي يدفعها إلى الحقل المادي بخمسة تسارعات، وتعرف هذه التسارعات في العلوم الحديثة، بتسارعات الدوران (spinning) وهذه التسارعات هي تسارع -1، و-1/2 و0 و+1/2 و+1
في المقالة المقبلة سنعرض تأثيرات تسارعات الدوران على عناصر المادة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق