الأربعاء، 7 مارس 2012


أدم وحواء في النظريات العلمية
في المقالة السابقة أظهرنا التقارب بين ثلاثة طبقات من مستويات الوجود الخمسة الأساسية، وفي هذه المقالة الرابعة سنتابع، ولكن قبل أن ننتقل إلى شرح العنصرين التاليين، فلنكشف ماذا يرد في العلوم القديمة.
رواية أدم وحواء في العلوم الفيدية
آدم وحواءإن رواية آدم وحواء تجد مثيلاً لها في الحضارات القديمة، في العلوم الفيدية وهي العلوم الهندية القديمة هناك جزء من أجزاء الفيدا يعرف بالسانكهيا، وتشرح السانكهيا بشكل رائع هذه العناصر الخمسة، في الفيدا هناك عنصر بروشا، الذي هو المطلق الشاهد وغير الفاعل، وحسب الفيدا بروشا يمثل العنصر المذكر في الوجود (آدم)، أما العنصر الثاني يسمى براكريتي، براكريتي تمثل العنصر المؤنث (حواء)، وفي رواية الفيدا، بروشا هو المطلق وبراكريتي هي نبضات الذكاء الكوني، عندما تكون براكريتي هامدة، لا يكون الوجود موجوداً، وعندما تتنابض براكريتي، تدفع الوجود للظهور. في الفيدا، بروشا وبراكريتي يتواجدان في حقل المطلق، بروشا هو طاقة المطلق، وبراكريتي هي نبضات المطلق. تماماً كما هو آدم وحواء في الفردوس. العنصر الثالث في الفيدا هو مهات. ومهات هو العقل الكوني، بوجود مهات وجدت طاقة العقل، وفي رواية الفيدا، العقل يخطئ، وهذا الخطأ يدعى "براغيا براد" وترجمتها حرفياً خطيئة العقل، تماماً كما أخطأت الحية التي أطلقت الفكرة الأولى، ويتوافق ذلك مع نظرية انكسار التناظر في العلوم الحديثة. هذا الخطأ هو علة الوجود، وهو مسبب الوجود، ولو لم يكن هذا الخطاء موجوداً لما كان هناك من وجود، ولما كنت أنت هنا لتقرأ هذه المقالة ولما كنت أنا هنا لأكتبها.
البذرة والشجرة
إن طبيعة الوجود مثل طبيعة الشجرة، قبل أن تكون هناك شجرة كان هناك بذرة، تتفاعل البذرة مع التراب وتنبت، وبالتالي تأتي الشجرة، وهكذا هو الوجود، هناك بذرة الوجود، وهناك التراب، التراب هو المطلق، المذكر، والبذرة هي المؤنث وهي التي تتفاعل في التراب، ومنها تأتي النبتة.
عندما يبدأ الكون بالتفتح لا يمكنه أن يتراجع إلا عندما يصل إلى مداه الأقصى. تماماً كما لا يمكن للشجرة أن تتراجع وتعود إلى البذرة، إلا عندما تصبح شجرة مكتمل وتعطي بذرة جديدة، وهكذا الكون الذي ينبثق من حقل المطلق ومن الطاقة الكونية، لا يمكن أن يتراجع إلى حقل المطلق، إلا عندما يصل إلى مداه الأقصى، ومن ثم يولد ما يعرف في العلم؛ الثقب الأسود Black Hole، في هذا الثقب الأسود تتكاثف الطاقة الكونية بعد أن يكون الكون قد وصل إلى مداه الأقصى، ومنه ينبثق كون آخر من جديد.
الخجل وورقة التين
فلنعود إلى المستويات الخمسة، بعد أن أظهرنا المقارنة بين الطاقة الكونية وآدم، والجاذبية وحواء، والتفاعل القوي والحية، فلنتابع لنرى روعة التشابه في العنصرين الآخرين، العنصر الرابع هو التفاعل الضعيف، كما تقول العلوم الحديثة، وكما ذكرنا في المقالة الأولى، إن التفاعل الضعيف هو المسؤول عن نشاطات الإشعاعات، هو ضعيف وليس له تأثيراً كبيراً بل هو تغيير في النكهة كما قلنا. أما في رواية التكوين ماذا حدث بعد أن أكل آدم التفاحة، نظر إلى حواء وأدرك أنه مختلف عنها، أدرك فرديته وفرديتها، وخجلا من بعضهما البعض ووضعا ورق التين ليتسترا. لقد أظهرت الرواية موضوع الخجل فقط لإظهار التغيير في نظرة كلاهما إلى بعضهما البعض وإلى الأمور من حولهما، بعد أن كانا واحداً، بجسم واحد وانتزعت حواء من ضلع آدم ليصبحا اثنين. ولكن قبل أكل التفاحة لم يكونا على دراية بأي فارق بينهما، أما بعد أكل التفاحة، فتغيرت نظرتهما إلى بعضهما البعض، وشعرا بالخجل. لم يتغير أي شيء هنا، فقط الشعور بالخجل، هذا يتطابق مع ما يرد في الأبحاث العلمية بعبارة التغيير في النكهة، هذا هو حقل التفاعل الضعيف كما أراد أن يخبرنا عنه من أدرك واستوحى رواية الخلق في الكتب المقدسة.
من عرق جبينك تأكل قوتك
هذا التقارب الرائع لا بد أن يتابع، العنصر الخامس في الفيزياء، هو الكهرومغناطيسي، المسؤول عن كل ظواهر الكون، هو الحقل الذي يعكس الطبيعة الظاهرة للوجود، هو الذي يضع تركيبات المادة الظاهرة وقوانين تفاعلها، هذا المستوى هو مستوى ظهور قوانين الطبيعة. أما في رواية التكوين، العنصر الخامس هو القوانين التي أملاها الله على آدم وحواء، قد أعلمهما عن طبيعتهما المادية، بالقول من عرق جبينك تأكل خبزك، أو ما شابه ذلك، أو إعلام حواء أنها ستلد بالأوجاع. إن كل ذلك ليس سوى الإفصاح على قوانين الحياة وقوانين الطبيعة وهذه التعليمات معروفة في علم النفس بالغريزة الإنسانية. وهكذا نرى بوضوح التشابه التام بين الحقل الكهرومغناطيسي وإملاءات الله.
ظهور الأنا الفردية والغريزة
أما في علوم الفيدا القديمة، فالعنصر الرابع هو أهمكر أي الأنا، ويعني ذلك الشعور بالأنا. الأنا الفردية هي ليست أنا الآخرين وهذا يتوافق تماماً مع شعور الاختلاف بين آدم وحواء. أي التفاعل الضعيف في الفيزياء الذي هو التغيير في النكهة.
أما العنصر الخامس في الفيدا فهو "مناس" وكلمة مناس تعني الغريزة أي العقل الغريزي. الغريزة هي طبيعة التقدمّ في الحياة، وهي تماماَ تتوافق مع وظيفة الحقل الكهرومغناطيسي وما أملاه الله على آدم وحواء.
في المقالة الأولى تكلمنا عن التفاعل الثلاثي في عملية الظهور في الطاقة الخلاقة والذكاء المنظم والمادة الفانية. وفي المقالات الثانية والثالثة والرابعة، تكلمنا عن المستويات الخمسة الأساسية في الكون. وأظهرنا التشابه الرائع في كل منها مع ما يرد في الحقائق الدينية للديانات المختلفة. في المقالة المقبلة سنتكلم عن الثلاثية في كل من الطبقات الخمسة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق